ما يدور الآن في المنطقة العربية هو أن هناك عدوانا يدبر ضد العرب، ولا أقول إنه عدوان على سوريا وحدها. نحن نؤمن أن المصير العربي واحد وأن الأمة العربية واحدة، وأن الأمن القومي العربي واحد لا يتجزأ، كما أن الأمة العربية واحدة لا تتجزأ. لذا فإن كان ثمة عدوان سيقع ضد أي بلد عربي فهو بالتأكيد عدوان على الأمة جمعاء وهو يستهدف أمل ومستقبل الأمة وتطلعاتها المشروعة في الوحدة والتقدم.
معنى هذا الكلام أن المواجهة كانت دائما في الحاضر والماضي القريب تدور بين مشروعين: المشروع العربي النهضوي والمشروع الاستعماري التدميري المعادي للأمة وتطلعاتها وإنسانيتها وآمال شعبها.
في المواجهة الراهنة تقف سوريا في الخندق المواجه للعدو الصهيوني الأميركي. فنحن نؤمن أيضا أن ما يحرك الروح العدوانية الغربية والأميركية ضدنا هو الكيان الصهيوني والنفط فقط. وإذا كان يراد أن يقدم العدو الأميركي على شن حرب (أو بالأحرى عدوان على سوريا) بصرف النظر عن اسمه وغطائه فإن المقصود أولا هو تأمين الكيان الصهيوني. عليه فإن الساحة اليوم مقسومة إلى جبهتين لا ثالث لهما: الجبهة العربية أولا في مقابل الجبهة الصهيو ـ أميركية. والخيار العربي يجب أن يكون في خندق المواجهة: خندق سوريا العربية. وأما الوقوف على التل فهو أمر مرفوض، كما أن استدعاء الأجنبي الغازي فليس له سوى توصيف واحد هو عودة صورة أبي رغال والحكم التاريخي الثابت بحقه.
من المؤسف أن يكون مجلس العموم البريطاني ضد اشتراك بريطانيا في العدوان، وأن يكون بالمقابل موقف بعض العرب مع توجيه وشن العدوان على سوريا.
ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي يتم التغاضي عنهما، بل وشطبهما تماما من سلوك بعضنا العربي. لماذا هذا السلوك الذي يناقض على طول الخط الموقف الشعبي العربي الرافض للعدوان؟ ألا تهتم هذه الأنظمة بالرأي العام العربي؟ وإذا كانت تريد أن تدافع عن الشعب السوري أفليس العدوان الأميركي موجها ضد الشعب السوري والدولة السورية والدور السوري المحوري في معركة المصير مع العدو الصهيوني؟
كيف تقبل بعض أنظمتنا العربية أن تكون في خندق واحد مع العدو الصهيوني؟ كيف تريد إقناعنا بأنها تحترم إرادة الأمة العربية والشعب العربي والحق العربي؟ لا شك أن المواقف هذه تهدد العمل العربي المشترك. وإذا كانت مقتنعة بأن الحكومة السورية هي من استخدم السلام الكيمائي فإنها بذلك تخالف المنطق الذي يقول بضرورة انتظار التحقيقات في هذا الشأن. حتى الرئيس الفرنسي المتحمس للعدوان على سوريا أعلن أنه ينتظر تقرير المحققين الدوليين. فلماذا المزايدة حتى على الموقف الأميركي والموقف الفرنسي والسعي إلى شن عدوان موصوف على قطر عربي غالٍ وعزيز هو سوريا؟
لا يوجد عقليا ما يبرر المواقف الداعية لشن العدوان على سوريا. الموقف لا يمكن الدفاع عنه فهو مضاد تماما للعروبة والأخلاق العربية والعلاقات العربية والروح العربية والمواثيق والمعاهدات العربية.
على أمل عودة العقل فإننا نتمنى ألا يقع العدوان وإن وقع فعلى الأقل أن يقف هذا البعض العربي موقفا لا يدينه غدا أمام الأمة وأمام الله والتاريخ.
الجمعة 13 أيلول (سبتمبر) 2013
خندقان لا ثالث لهما
الجمعة 13 أيلول (سبتمبر) 2013
par
نواف أبو الهيجاء
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
12 /
2197588
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
19 من الزوار الآن
2197588 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 21