هي بنت بعمر لا يتجاوز الستة عشر عامًا، كانت تذهب إلى المدرسة مع رفيقاتها، حالها حال عشرات الآلاف من المراهقات الباكستانيات، لا تختلف عنهن بأي شيء قط. شاءت الصدف أن أحمق من أعضاء طالبان باكستان أطلق النار على الطالبات، فمس رأسها شيئًا من تلك الإطلاقة على سبيل الادعاء بالتدين. حادثة عابرة وعادية بسيطة، قد تحدث بتكرار في تلك الأصقاع الرجوعية، بيد أن النتيجة كانت على ما لم يخطر ببال الطفلة مالالا ولا على بال مطلق النار، إذ صيّر الإعلام الغربي مالالا أسطورة بطولية.
ليس في مالالا ما يختلف أو تتفوق به على قريناتها من اليافعات الباكستانيات، إلا أن المصادفة فقط هي التي جرحت رأسها كي يأخذها الإعلام الغربي ذريعة لإحالتها إلى بطلة، ومقاومة، وقائدة نسوية، ومفكرة ومناضلة حريات مسلمة، كل هذا نكاية ليس فقط بطالبان ولا بالقاعدة حسب، بل كذلك بالثقافة الإسلامية وبسمعة العالم الإسلامي كذلك، كما أرى طي هذه المبالغة ومعطياتها اليوم.
وبعكسه، ما الذي يجعل الإعلام الغربي يدفع بهذه الشابة عبر المحطات المبالغ بها التالية: (1) العلاج من الجرح أعلاه في واحدة من مستشفيات لندن؛ (2) إشاعة الخرافات والأساطير حولها؛ (3) تحرير “خطاب” عن الحريات وحرية المرأة في العالم الإسلامي لتلقيه هذه البنت من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، يدًا بيد مع رؤساء وملوك من جميع أنحاء العالم. ألا ترى، عزيزي القارئ، ثمة مبالغة كبيرة في هذا الاحتفاء والنفخ في “بالون” هذه الطفلة التي، ربما لم تكن تحلم بمغادرة قريتها إلى قرية أخرى قبل سنتين؟
بل إن الأكثر مدعاة للتندر على الإعلام الغربي الذي ينجرف بتيار الدعاية السياسية بعيدًا في بعض الأحيان إلى حدود اللامعقول؛ وبعكسه كيف نفسر ترشيح هذه البنت لجائزة نوبل كي تقف إلى جوار عبقريات وإرادات قدمت أعظم الإنجازات للبشرية وللعلوم والآداب. هل تستحق هذه الطفلة جائزة نوبل بالفعل، أيها القارئ الكريم، أم أن هناك ثمة دوافع سياسية ودعائية ترشحها للجائزة، على عكس رفيقاتها اللائي يتناولن الرز الملوث بشيء من الكاري في أكواخهن كل يوم، هناك في باكستان.
تشيع ثمة شكوك حول العالم، وخاصة في العالم العربي حول الدوافع والمعايير غير المحايدة التي تلعب أدوارًا قوية في تسميات المرشحين لجائزة نوبل، ولعل أن ما يحدث مع أختنا الباكستانية، المسلمة، مالالا، التي لم تقدم أي إنجاز يذكر سوى الرقود في المستشفيات، دليل على الاستخدام المنحاز للجائزة على نحو يشوه صورة هذا الدين الحنيف، بامتطاء قصة إعلامية مبالغ بها وشخصية انتفخت حتى التفجر! لجنة جائزة نوبل لا تختار علماء أو كتابا أو مفكرين اقتصاديين مسلمين، لأنها تنتقي مالالا فقط، من ملايين المسلمين عبر العالم، لتسفيه العلوم والفنون والآداب الإسلامية. هل جف منبع العبقريات في العالم الإسلامي لتحوم جائزة نوبل بلا هدف كي تحط على رأس مالالا الجريح؟
الأحد 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2013
أضحوكة النفخ في “مالالا”
الأحد 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2013
par
أ.د. محمد الدعمي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
30 /
2188402
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
17 من الزوار الآن
2188402 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 25