الجمعة 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

أوباما يَسْتَثْمِر “تجربته السورية” إيرانيًّا!

الجمعة 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par جواد البشيتي

وكأنَّ الرئيس أوباما يريد أنْ يتَّخِذ من “تجربته السورية”، التي خالط منطقها كثيرٌ من العِوار والتناقُض، مرجعية له، ولإدارته، في تسوية النزاع (النووي شكلًا، أو في أحد أبعاده) مع إيران؛ فإنَّ السؤال “هل الحرب ما زالت خيارًا للولايات المتحدة، تَأخُذ به، أو يمكن أنْ تَأخُذ به، إذا ما استعصت تسوية النزاع (أيُّ نزاع) على الدبلوماسية، وعلى ما يتفرَّع منها مِنْ أدوات ضغط غير عسكرية؟” قد أُجيب عنه مِنْ قَبْل، أيْ في “الأزمة السورية”.
الرئيس أوباما، وتماشيًا مع ما خَرَج به من دروس وعِبَر مِنْ “تجربته السورية”، يُجادِل الآن خصوم ومعارضي “نهجه الإيراني (الجديد)” من أعضاء الكونجرس، ومن “الجمهوريين”، ومن جماعات الضغط المناصِرة لإسرائيل، قائلًا، في صوتٍ عالٍ، وفي لهجة الواثِق، إنَّ “الشعب” لا يريد الحرب، أو لا يريد مزيدًا من الحروب؛ فأفغانستان والعراق عَلَّمَتاه أنَّ خَيْر سياسة خارجية هي التي لا تتورَّط فيها الولايات المتحدة في نزاعٍ قابِلٍ للتحوُّل سريعًا إلى حرب، وإنَّ الكونجرس نفسه، ولَمَّا بَلَغ النزاع مع سوريا حافة الهاوية، أيْ حافة الحرب، قد عَكَسَ، في مواقفه، هذه “الإرادة الشعبية”؛ فَدَعوا المفاوضات مع إيران تسير وتتقدَّم، وصولًا إلى تسوية للنزاع معها، وإلاَّ جَعَلْتُم “الحرب” أمْرًا محتومًا!
إسرائيل، ومعها جماعات الضغط المناصِرة لها (دائمًا) في الكونجرس، وفي الإعلام، سَعَت دائمًا، مِنْ قَبْل، في إثبات أنَّ “العقوبات” لا تكفي وحدها لثَنْيِ إيران عن المضي قُدُمًا في برنامجها النووي، الذي فيه، على ما تَزْعُم، تَكْمُن “نِيَّة” صُنْع قنبلة نووية؛ ولا بدَّ للولايات المتحدة (وحلفائها) من ثمَّ من الذهاب إلى الحرب؛ لكنْ ما أنْ ثَبُت لإسرائيل، وتأكَّد، أنَّ “الحرب (التي يشنها الغرب على إيران)” ما عادت خيارًا مقبولًا، أو ممكنًا، وأنَّ إدارة الرئيس أوباما تُفضِّل تسوية مع إيران، من طريق التفاوض معها، حتى شَرَع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يَشْرَح ويُعدِّد “مزايا (وفضائل)” العقوبات والضغوط الاقتصادية، داعيًا الرئيس أوباما إلى الإبقاء عليها، وتشديدها، بدلًا من تسويةٍ يتفاوض في مبادئها وتفاصيلها مع طهران؛ أمَّا إدارة الرئيس أوباما فألْمَحَت، في سعيها المضاد، إلى أنَّ إيران، وفي مناخ العقوبات والضغوط الاقتصادية، أوشكت أنْ تجتاز البقية الباقية من المسافة بَيْن برنامجها النووي والقنبلة النووية، مؤكِّدةً، مِنْ ثمَّ، أنْ لا طريق إلى اجتناب “الأسوأ”، بَعْد، وبسبب، انسداد “طريق الحرب”، إلاَّ “طريق التفاوض، وصولًا إلى تسوية”، مع تخفيف العقوبات لإغراء طهرن بإبداء مزيدٍ من المرونة.
مرجعية الرئيس أوباما الآن، في النزاع (النووي) مع إيران، والتي أسَّس لها من دروس وعِبَر “تجربته السورية”، هي في مختصرها، المُغْضِب لإسرائيل: دَعُوني أُخَفِّف العقوبات، وأُفاوِض طهران، توصُّلًا إلى تسوية شاملة معها؛ فـ“الشعب” لا يريد مزيدًا من الحروب، والعالَم يَطْلُب مزيدًا من “جماعية القيادة العالمية”؛ لقد قاتَلْنا في أفغانستان والعراق بما أَكْسَب إيران وروسيا مزيدًا من النفوذ، وتورَّطْنا في “الأزمة السورية” بما جَعَل إيران وروسيا أهَمَّ لاعِبَيْن في هذه الأزمة؛ وكان لإسرائيل مساهَمَة كبيرة في جَعْل الولايات المتحدة على ما هي عليه الآن من تراجُعٍ وضعف على المستوى الإقليمي. إنَّها، ولو لم يُسمِّها الرئيس أوباما، سياسة البحث عن تسوية مع خصومٍ ما عاد ممكنًا الآن إكراههم، من طريق الحرب، على التسليم بما تريده منهم، ولهم، الولايات المتحدة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2182648

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2182648 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40