ذات يوم قد لا يكون بعيداً ستصبح مقالة درورزرسكي المنشورة في صحيفة “معاريف” في الرابع والعشرين من شهر مارس/آذار الماضي شهادة من الداخل اليهودي على فجور الاحتلال وكونه عورة تاريخ وفضيحة أخلاقية .
المقالة تلتقط من واقع يعج بالتفاصيل مشهداً لكنه بقدر ما هو رمزي يختزل الدراما الفلسطينية، فقد صعد مستوطن في مدينة الخليل إلى سطح أحد المنازل ليمزق العلم الفلسطيني، وهو يصرخ أن فلسطين كلها له، وأنه صاحبها منذ ألفي عام، والحقيقة أن هذا المستوطن الطارئ قد هاجر من روسيا قبل أيام فقط وأن عمر البيت الذي صعد إلى سطحه مئات الأعوام كما ورد في المقالة .
فكيف تحول أسبوع واحد إلى ألفي عام؟ وكيف تحول بيت عمره مئات الأعوام وتوارثه ساكنوه عبر خمسة أجيال إلى جملة عربية معترضة في كتاب عبري؟
هذه المرة تأتي الشهادة من هناك، وباللغة العبرية حيث لا مجال للتأويل أو التقويل .
فما بلغه الاحتلال من فجور وانتهاك وتجريف استفز اليهود أنفسهم كما في حالة درورزرسكي، وهي ليست الحالة الفريدة أو الاستثنائية اليوم، فثمة يهود بدأوا يدركون أن الأحبولة التي نسجتها الصهيونية لأحفادهم سترتد إليهم، وأن الحفرة التي احدثوها في طريق الفلسطيني تحت جنح الظلام والاحتلال سوف يقعون هم أنفسهم فيها . هذا الوعي بالخديعة بدأ يتسع في أوساط اليهود، وقد لا يكون ما يقولونه ضد الاحتلال والاستيطان دفاعاً عن الفلسطينيين بقدر ما هو دفاع استباقي عن أنفسهم وعن سلالتهم . فمن يستبيح مصائر الآخرين عليه أن لا يتوهم بأن التاريخ منحه بوليصة تأمين ضد الاستباحة، لأن العالم لن يبقى على ما هو عليه وموازين القوة فيه ليست أبدية .
مقالة درورزرسكي تقول قد يكون هذا اليوم للمستوطن الطارئ الذي وصل إلى فلسطين قبل أيام فقط وظن أنه استحقها من بحرها إلى نهرها، لكن الأيام كلها قد تكون عليه لأنه أولاً بلا خيال، ولم يقرأ التاريخ كما أنه غريب في شعاب الجغرافيا التي يزعم أنها خلقت لأجله .
إن تحول هذا الوعي اليهودي بالخديعة الصهيونية بدأ يتطور من حالات استثنائية إلى ظاهرة، فالوعي أيضاً له عدواه لكنها إيجابية خصوصاً إذا كان الواقع يقدم في كل لحظة وعلى نحو مرئي بالعين المجردة أمثلة عن الانتهاك والسطو لمجرد أن الضحية عزلاء، أو لأن ضمير هذا العالم ينعم بإجازة طويلة .
وبعض الكتّاب اليهود يعلنون خجلهم مما يحدث باسمهم ومن أجلهم، فهم يرون أن الاحتلال يشملهم أيضاً، لأنه يعتدي على شعب آخر بحجة حمايتهم . إن لآخيل الصهيوني أعقاب عدة يتسلل السهم إليها، منها هذا “العقب” الذي يتمثل في وعي يهودي مضاد ومفارق . لهذا فإن انتهاء صلاحية الأسطورة بات وشيكاً.
الثلاثاء 1 نيسان (أبريل) 2014
شهادة عبرية دامغة
الثلاثاء 1 نيسان (أبريل) 2014
par
خيري منصور
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
16 /
2188115
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
23 من الزوار الآن
2188115 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 18