بنيامين نتنياهو منزعج من المصالحة الفلسطينية . هذا طبيعي جداً ومنطقي جداً وهو دليل قاطع مانع على أهميتها للفلسطينيين . نتنياهو يطالب محمود عباس بتمزيق اتفاق المصالحة مع “حماس” والعودة إلى “حضن” المفاوضات من أجل التوصل ل “السلام” . هذه ينطبق عليها القول الحواري في المنطوق الشعبي: كيف عرفت أنها كذبة؟ قال: من كبرها . فرئيس حكومة الكيان يعرف بكل جوارحه أنه يكذب ويضلل مثلما فعلت حكومات كيانه منذ انطلاق أول مفاوضات مع أنور السادات في السبعينات، حين قال كلاهما: لا حرب بعد اليوم، في حين لم نر من “إسرائيل” غير الحروب والمجازر .
بنيامين نتنياهو، في سياق سخريته من إدانة عباس للمحرقة النازية، يقول إن هذه ازدواجية من عباس لأنه، حسب نتنياهو، يدين المحرقة وفي الوقت نفسه يريد أن “يتحالف” مع حركة تسعى لارتكاب محرقة جديدة، قاصداً حركة “حماس” . هذه “تخينة” يا نتنياهو، وأتخن كثيراً من قصة المفاوضات للتوصل إلى السلام . صحيح أن نتنياهو يحمل شهادة الماجستير في فن مخاطبة وسائل الإعلام، لكن لو كانت رسالته عن هذا الموضوع وتقدم بها لجامعة محترمة وغير منحازة، فسترسب بالتأكيد، أو يطلب منه تأجيل مناقشتها إلى الأول من إبريل/نيسان . أي “حماس” وأي محرقة؟ لم يبق سوى اتهامها بامتلاك أسلحة دمار شامل والإشراف على بناء مفاعلات نووية في كوريا الشمالية .
يستطيع العالم، وبخاصة الغربي، أن يصدّق ما يشاء من نتنياهو وشمعون بيريز وليبرمان ومن لف لفهم، لكن على الفلسطيني ومن بقي معه من العرب أن يقولوا ما يجب أن يقال وأن يفعلوا ما يجب أن يفعل . ما يجب أن يقال هو أن المصالحة الفلسطينية ضرورة وطنية وليست على صلة أو ارتباط بأي اعتبارات “إسرائيلية”، ولا ينبغي التعامل معها ضمن الإطار التكتيكي أو المساومات التفاوضية، وأزعم أن الشعب الفلسطيني لن يحتمل هذه المرة مصالحة فاشلة، ولن يكون بمقدوره مشاهدة فيلم انقسامي فواصله مصالحة، كما لن يقبل باستقبال مصادرة وحدته الوطنية ومستقبل قضيته من جانب أطراف تلعب بها في ميدان المساومات .
ما يجب أن يفعل هو أن يصاغ برنامج ما بعد المصالحة، إن على صعيد توسيع منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها، أو على صعيد صياغة استراتيجية موحّدة، استناداً إلى مراجعة علمية شاملة لموضوع المفاوضات في ضوء فشلها أو دورانها في حلقة مفرّغة من انطلاقها، بحيث حوّلتها “إسرائيل” إلى غطاء على جرائمها الاستيطانية والتهويدية .
آن الأوان لخروج القيادة الفلسطينية من عنق الزجاجة التفاوضي وتجريد “إسرائيل” من هذا الغطاء، وآن الأوان على نحو السرعة أن يلتقي الفلسطينيون على ثقافة المواجهة والمقاومة بالمعنى الشامل، للتصدي لتهويد الأرض واستعباد الإنسان الفلسطيني . بات الأمر أكثر إلحاحاً الآن كي يصطف الشعب الفلسطيني خلف قضية الأسرى الذين يواجهون الجلادين الصهاينة بأجساد عارية وأمعاء خاوية، ولكن بإرادة زاخرة بالمعجزات النضالية التضحوية . ولينتبه الفلسطينيون إلى قدرتهم على رفض ما يتناقض مع مصالحهم، لا إلى ما تستطيع “إسرائيل” فرضه على الأرض، فطالما أن الفلسطينيين متمسكون بحقوقهم، فإن نهاية المسار ستكون لمصلحتهم، سواء قبلت “إسرئيل” أم رفضت، ففي النهاية ينتصر المتمسكون بأهدافهم .
الثلاثاء 29 نيسان (أبريل) 2014
ما بعد المصالحة
الثلاثاء 29 نيسان (أبريل) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
49 /
2195701
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
13 من الزوار الآن
2195701 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 9