يذكر الجميع أنّ الأمم المتحدة اتخذت بأغلبية قراراً بنزع صفة العنصرية عن الصهيونية عام 1991 بعدما كان هذا القرار معمولاً به منذ تشرين ثاني 1975 إذ تمكنت «إسرائيل» ومعها حلفاؤها وأتباع حلفائها بعد انهيار ميزان القوى في الأمم المتحدة بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي وتراجع دور دول عدم الانحياز التي كانت تدعم قضية نضال الشعب الفلسطيني من الحصول على أغلبية تلغي هذا القرار وتجعل الصهيونية حركة غير عنصرية ولا تمارس التمييز العنصري. لكن هذا القرار لم يؤثر في استمرار كفاح الشعب الفلسطيني واستمرار دعم القوى العربية الداعمة للمقاومة في المجابهة ضد الصهيونية ووليدتها «إسرائيل» على مختلف المستويات والميادين الرسمية والشعبية والدولية .
بالمقارنة مع إلغاء هذا القرار الذي نال موافقة أغلبية عام 1975، ثم إلغائه عام 1991 بأغلبية أخرى مضادة ومناقضة، لا يجب أن يفهم أحد أن قرار حق العودة رقم 194 الصادر في 11 -12- 1948 قد يتعرض لهذه النهاية الظالمة والمأسوية نفسها أو يمكن لأغلبية أن تلغيه. فهذا القرار الأكثر تعبيراً عن جوهر القضية الفلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بحسب ما جاء في نصه الرسمي، يفرض على كل لاجئ فلسطيني التمتع بهذا الحق على نحو شخصي ويخيّره بين العودة أو التعويض ولا يخوّل من يمثله من مسؤولين سياسيين في أي مرحلة ما بتقديم التنازل عن حقه في العودة بقرار سياسي، وهو قرار يشكل موقفاً شخصياً ووطنياً في الوقت نفسه، وليس شخصيا فحسب لأنه يفرض تقريراً لمصير الشعب كلّه وليس الفرد فحسب، وهذا يعني تقرير مصيره الوطني. فعبارة تقرير المصير التي يتضمنها القرار بموجب نصه ترتبط بأرض وهوية وطنية وليس بتعويض مالي إذا قرر فرد فلسطيني عدم الرغبة في العودة فاستحق تعويضاً مالياً عن ممتلكاته، طالما أنه لن يعود إليها على سبيل المثال. ولذلك لا يرتبط تنفيذ هذا الحق برغبة المحتلين في الموافقة المسبقة على قبول الفلسطينيين الذين يحق لهم ممارسة هذا الحق كاملاً إذ يفرض على المحتلين قبول كل من يرغب في العودة بموجب نص القرار ومفعوله في التنفيذ. إن هذا القرار بالعودة أو الحصول على التعويض يعود فحسب إلى اختيار الفلسطينيين فحسب، والأمم المتحدة مطالبة بتنفيذ ما يختاره الفلسطينيون وليس بالحصول على موافقة حكومة الاحتلال. فحين فرضت الأمم المتحدة على حكومة الفصل العنصري التي تمثل احتلال الاستعماريين الأوروبيين لجنوب أفريقيا لم يوافق ممثلو حكومة الاحتلال العنصري على إيقاف إجراءات أنظمة الفصل العنصري مثلما ترفض حكومات الاحتلال الصهيوني العنصري تنفيذ قرار حق العودة حتى الآن. ولذلك، لن يستطيع أي تصريح أو محاولة اللعب على هذا القرار بأي ألاعيب أو عبارات إلغاء هذا الحق، علماً أن التخيير فيه بين العودة أو التعويض المالي هو مجرد إجراء مرتبط بالفرد وليس بالشعب الذي يتمتع بحق تقرير المصير، وثمة في الجانبين شمولية لا يمكن التغلب عليها على نحو يقلب المضمون أو النتيجة. ولذلك يصبح طبيعياً أن يطالب «المحامون» عن هذا الشعب، سياسيين كانوا أو موظفين، بالدفاع عن تنفيذ هذا الحق كاملاً وغير منقوص بكامل أبعاده ومقتضياته، فهو جوهر القضية في منبر دولي مثل الأمم المتحدة التي يقولون إنهم يريدون العضوية الكاملة فيها للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني!؟
السبت 10 أيار (مايو) 2014
لماذا يجب الدفاع بقوّة تامّة عن حق العودة؟
السبت 10 أيار (مايو) 2014
par
تحسين الحلبي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
9 /
2198611
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2198611 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 12