بالرغم من أربعين عاماً من عمر الثورة المضادة التي قادها السادات ومبارك بدعم الأمريكان والرجعية وبالرغم من مليارات الدولارات التي بثتها ووزعتها جماعات الإسلام النفطي والأمريكي لسرقة الثورة الشعبية المصرية.. إلا أن رايات الناصرية وصور جمال عبد الناصر وأفكاره عادت تلوح في أفق مصر والأمة والعالم.
وصار في حكم المؤكد أن مصر بعد خروجها من تجربة الاضطراب الحالية وما يرتبط بها من خيارات ضبابية للسنوات القليلة القادمة، أنها في طريقها لاستعادة الناصرية والتأسيس للجمهورية الناصرية الثانية في مصر.
فإذا كان الأمر لا يزال ملتبساً ولا تزال ثمة أوهام على بقايا النظام الفاسد السابق وما يمثله مرشحه للرئاسة، من جهة وعلى المرشحين الآخرين من جهة ثانية، فان السنوات القليلة القادمة كافية لتبديد هذه الأوهام وهذه الالتباسات ولنا فيما شهدته تجارب في أمريكا اللاتينية ما يكفي لتأكيد ذلك.
فبعد عقود من الأوهام وتردد الناخبين إزاء مرشحين قوميين يساريين من أنصار سيمون بوليفار (يعادل عبد الناصر في أمريكا الجنوبية) صوت فقراء وأحرار بلدان هذه القارة الى جانب (لولا) في البرازيل وشافيز في فنزويلا والسانديين في نيكارغوا، وهكذا.. وثمة شبه كبير بين هذه البلدان ومصر وتاريخها ودورها موقعها، مع فارق مهم يتعلق بالطابع التقدمي للكنيسة فيها، وذلك على عكس المناخات الدينية في مصر..
وفيما يخص مصر وحملة المرشح الناصري، حمدين صباحي كان ملاحظاً ما يلي:
1- مقابل مليار دولار على الأقل، كانت نفقات الحملة الانتخابية لمرشحي العهد السابق وبعض مرشحي الإسلام النفطي، خاض المرشح الناصري، حملته بمبالغ زهيدة للغاية وبتبرعات الطبقات الشعبية.
2- تصويت الأغلبية الساحقة من العمال والمثقفين لحمدين صباحي.
3- تصويت أغلبية مدن قناة السويس لحمدين وهي المدن التي تكثف روح المقاومة وثقافتها، سواء ضد العدوان الخارجي او ضد حكم مبارك.
4- كما يلاحظ انه مقابل ميل الأرياف لشفيق ومرشحي التيار الإسلامي، فان الميل العام لسكان المدن الكبرى كان لمرشحين قوميين ويساريين وليبراليين على رأسهم حمدين صباحي خاصة في الإسكندرية وفي القاهرة...
5- وللذين تابعوا روايات نجيب محفوظ حول القاهرة، بوسعنا القول ان حمدين صباحي هو اليوم بطل الأحياء الشعبية والحرافيش الذين تناولتهم هذه الروايات.