الأربعاء 29 آب (أغسطس) 2012

أسلحة الحروب المقبلة

الأربعاء 29 آب (أغسطس) 2012 par د. سمير التنير

تُعرف الطائرة بدون طيار (درون) بأنها السلاح الأقوى الذي يملكه الغرب حالياً. ويملك ذلك السلاح التكنولوجيا الفائقة التقدم، مما يجعله سلاحاً فعالاً، لإصابة الهدف والتقليل من عدد الضحايا. وعند مراجعة أسلحة الحرب نرى ان تلك الطائرة تصيب أهدافها بدقة مذهلة.

يطرح استعمال طائرة «الدرون» أسئلة متعددة تتعلق بقوانين الحرب. فالحروب السابقة كانت تدور بين مقاتلين وجهاً لوجه. وكان على المقاتل ان يمتلك الشجاعة والقوة. أما الجانب الضعيف فكان يترك مسافة كبيرة بينه وبين خصمه، لتفادي مواجهته.

وسع استعمال المدافع المسافة بين المتقاتلين. وعلى رغم ذلك كان على الجندي التقدم في ساحة المعركة والتعرض لكافة الأخطار. كما وسع استعمال الطائرات الحربية المسافة بين المتحاربين. وكان على الطيار مواجهة الأسلحة المضادة والتعرض لخطر الموت.

شكل استعمال الصواريخ نقلة نوعية في تاريخ الحروب. وفي العصر النووي طُور هذا السلاح بشكل فعال. وكان استعماله لا يتطلب القوة أو الشجاعة، بل مجرد الضغط على زر معين. لكن هذا ليس كل شيء. إذ أن القوة التي تستعمل سلاح الصواريخ معرضة للضربة المضادة.

تستخدم الولايات المتحدة طائرات «درون» في الإغارة على منطقة وزيرستان في أفغانستان. ولا تتعرض تلك الطائرات لأية مخاطر. ولذا يعرف ذلك السلاح بأنه سلاح جبان. أما الرد على تلك العمليات فيأتي على شكل عمليات انتحارية (القنبلة البشرية) التي تحمل من المخاطر أقصاها.

يقول الخبراء الغربيون إن الحرب ضد «الإرهاب الإسلامي» تقتضي استعمال تلك الأسلحة، لأن الخصم يتمتع بمزايا عديدة هي الشجاعة والقوة والاستعداد للتضحية بالنفس. ولكن الانتحاري جبان أيضاً لأنه يتسبب في إصابة أبرياء.

يثير استعمال الطائرة بدون طيار غضب العالم الإسلامي. لأنه سلاح لا يمكن مواجهته. انه سلاح قاتل. يقتل بدم بارد، ويصدر أحكام الإعدام. تدور مناقشات طويلة في الغرب حول «إنسانية» الأسلحة، وعما إذا كانت الأسلحة متهمة بارتكاب الجرائم أم ضحية للاستعمال البشري. يبقى الأمر نسبياً إلى حد كبير.

ابتكرت الثورة الفرنسية سلاح المقصلة لتخفيف آلام المحكومين بالإعدام. وقد حاز ذلك السلاح على موافقة وزير الصحة آنذاك جوزف ـ اغياس جيلاتين. وارتكبت الثورة الفرنسية مجازر رهيبة باستخدام ذلك السلاح الذي ذهب ضحيته مئات الآلاف. لكنه أثار رضى ماكسيملين روبسبير ولويس أنطوان دي سانت جوست.

لكل سلاح تأثيراته النفسية. وهذا ما يرمي إليه المستخدم للسلاح أولاً. ويُفضل بعض السياسيين الذين يتولون الحكم في بعض البلدان استخدام هذا السلاح. ومن هؤلاء السياسيين جورج بوش الإبن الذي استخدم هذه الطائرة 52 مرة. أما باراك أوباما فقد استخدمها 285 مرة (حتى الآن). وقد قدر عدد الضحايا منذ عام 2004 وحتى عام 2012 ما بين 2544 إلى 3247 منهم 173 طفلاً.

يعتبر هذا السلاح «إنسانياً» بسبب عدد الضحايا المحدود، مقارنة مع الصواريخ النووية ذات الرؤوس المتعددة، التي تستطيع تدمير مدينة كبرى وقتل الملايين من سكانها. وتثار في وجه هذا السلاح مشاكل قانونية، لأنه يُغير على أماكن سكنية مأهولة بالسكان، وليس في ساحة القتال. انه سلاح قتل، وليس سلاح حرب. ومقصلة القرن الحادي والعشرين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2182299

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2182299 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40