بضع كلمات حنونة من أغنيات قديمة حركت جمعا من الفلسطينيين الذين جاؤوا يحتفلون بيوم النكبة المشؤوم. إنهم لا ينسون ضياع وطن، وحكايات الأهل والأجداد .. ينفعلون مع الذكرى لعلهم يتجاوزون الممنوعات التي وضعها في وجههم مايسترو السلطة محمود عباس، ومن استقال دون أن يستقيل سلام فياض.
كان الراحل ياسر عرفات قد اكتشف آثام أوسلو، وحين اشتكى لنفسه، أراد التصحيح فإذا به يرد على السكوت الفلسطيني الذي أراده ذلك الاتفاق بإنشاء “كتائب شهداء الأقصى”، ملتقطا إياها من طرف لا يراه أحد حفاظا على تمسكه بالاتفاق مع الإسرائيلي. وهكذا ظلت المفخخات تنفجر بالإسرائيلي، وظل السلاح مشهرا بوجهه في أكثر من مكان إلى جانب التمسك بالاتفاق المشؤوم. وحين أعيا هذا الاتجاه بعض القريبين منه ومن هم رعاة التفاصيل الفلسطينية من الإسرائيلي والأميركي والغربي، تم تسميم عرفات، فانتهت معه أسطورة المزج بين المقاومة والمفاوضات والاتفاقات.
الفلسطينيون اليوم مأخوذون إلى النسيان بدم بارد وبعقل بارد، من قبل سلطتهم التي أخرجت نفسها تاريخيا من لعبة السلاح والمقاومة والكفاح، ورأت في هندسة المفاوضات وفي حلو الكلام وكذبه الدائم، مجالا للتفاهم مع الآخر الذي أكل أرض النكبة الأولى، ومن ثم ما توفر من أرض لاحقة.
حلم الفلسطينيون هذا العام أن ينشدوا ما هو ممنوع من إذاعاتهم الفلسطينية .. حتى تلك الأغنيات المقاومة ممنوعة من التداول .. نسيت أنه نص اتفاق أوسلو على منعها، تماما مثلما منع الحلفاء الألمان المهزومين في الحرب العالمية الأولى الموقعين لمعاهدة فرساي من إنشاد النشيد الوطني الألماني الذي اعتبر لاحقا عملية قهر إنسانية ساهمت في الاحتقان الألماني الذي انفجر حربا عالمية ثانية.
لا يملك الجيل الفلسطيني الحالي سوى ما وصل إليه من كلمات قرأها أو مشاهد رآها أو عبارات سمعها من أهله وأجداده، أو بعض ما توفر من مساحة كان فيها العمل الفدائي في ذروة عطائه. ما يملكه يحقق هدفا واحدا تظل فيه فلسطين حية وموجودة، لكن كيفية التعبير فليس متروكا له، أو هو ممنوع عليه.
ولذلك يحتاج في يوم النكبة، إضافة إلى التذكر، أن يوفي الراحل عرفات حقه في أفكاره وافتراضاته الوطنية التي لم ينم فيها السلاح في عز الالتزام بصرامة الاتفاق مع العدو الصهيوني. وإيفاء حقه يكون في العودة إلى السلاح .. فها هي الجولان تتحول تدريجيا إلى بؤرة للعمل المقاوم، وها هو الجنوب اللبناني يحمل في روحه صورة مقاومة قد تنفعل فجأة، وها هي غزة تظل على سلاحها بعدما اكتشفت أهميته في أكثر من رد عدوان.
تكون الدنيا الفلسطينية بخير عندما يعود السلاح ليزين الطريق إلى فلسطين. ومخطئ من يظن أن إسرائيل تفهم غير هذا الواقع. بل مخطئ إلى حد الإجرام من يتعهد حجب المقاومة عن قضية لا يمكن لها أن تعيش بدون سلاح مرفوع وهامات تعود لتنشد تلك الأغنيات التي تربى عليها جيل فلسطيني وعربي وكل كلماتها معلم مقاوم
السبت 18 أيار (مايو) 2013
العودة إلى السلاح
السبت 18 أيار (مايو) 2013
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
46 /
2188222
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
17 من الزوار الآن
2188222 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 28