تمثل شبه جزيرة القرم التابعة ذات الحكم الذاتي ضمن أوكرانيا أهمية استراتيجية كبيرة لروسيا التي دائما ما تبحث عن مياه دافئة تتيح لأساطيلها امكانية الملاحة طوال العام حتى لو خاض الروس في سبيل ذلك حروبا باردة كانت أو ساخنة مثل تلك التي يحبس الغرب أنفاسه بانتظارها أو بالأحرى بانتظار قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أن فوضه المجلس الاتحادي الروسي السبت الماضي بالتدخل العسكري في أوكرانيا.
وكانت القرم مسرح لحروب طاحنة.. ففي مطلع القرن التاسع عشر وتحديدا بين العامين 1805 و1815 حاولت فرنسا طرق أبواب روسيا عبر بوابة القرم بل ونجح نابليون الأول في الدخول إلى موسكو قبل أن تنتهي بدخول القوات الروسية إلى باريس.
وبين العامين 1853و 1856 اشتعلت الحرب بين روسيا والدولة العثمانية وانتهت بحرمان روسيا من عبور البحر الأسود ما يعني ضمنيا تحوله الى بحيرة عثمانية ليظهر بعدها مصطلح (المياه الدافئة) الذي حافظت عليه روسيا واستعادت تواجدها في البحر الاسود في ظل الاتحاد السوفيتي السابق.
والقرم تعتبر نقطة مهمة للأسطول الروسي المتواجد في ميناء سيفاستوبول بالبحر الأسود والذي يعتبر منفذا للأسطول الروسي على البحر المتوسط.
ويقع ميناء سيفاستوبول على الساحل الجنوبي لشبه جزيرة القرم، وهو مقر اسطول البحر الأسود الروسي الذي يضم الآلاف من عناصر القوة البحرية.
وكان لروسيا حق استخدام الميناء حتى العام 2017 لكن الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش الذي تم عزله بمباركة غربية قرر بعد انتخابه عام 2010 بتمديد مدة بقاء الاسطول الروسي في الميناء لغاية عام 2042.
واذا كانت (المياه الدافئة) هي الرابط الأساسي بين البحر الأسود والبحر المتوسط فلا يمكننا قراءة ما تشهده اوكرانيا بمعزل عن الأحداث في منطقتنا.
فمع الفشل الغربي في الملف السوري ووقوف روسيا كحليف استراتيجي للسوريين في مجالات عدة أبرزها الدعم الذي يلقاه الأسطول الروسي في البحر المتوسط انطلاقا من ميناء طرطوس اضافة إلى امكانية أن تحظى روسيا بدعم من نقاط أخرى على المتوسط بعد التقارب الأخير مع مصر والعلاقات الطيبة مع الجزائر .. كان متوقعا أن يسعى الغرب إلى مناكفة الروس من نقطة انطلاقهم نحو المياه الدافئة المتمثلة في البحر الاسود وتحديدا سيفاستوبول.
وقد يكون ما حدث في أوكرانيا محاولة لجر روسيا الى حسبة من المقايضة بشأن الملف السوري تحديدا.
لكن الشواهد حتى الآن تقول ان روسيا لن تفرط في المعركة الثالثة بعد أن خسرت معركة أولى أمام الغرب حينما نجح الأخير في اللعب بورقة المعارضة والثورات الملونة مجددا ومعركة ثانية عند التسويات حينما شاركت في رعاية الحوار بين المعارضة والسلطة السابقة في اوكرانيا.
فقد بدأت روسيا معركة اقتصادية مضمونة النتائج بمطالبة شركة غازبروم كييف بتسديد ديون سابقة وصلت إلى 1.5 مليار دولار.
أما عن الخطوات العسكرية فروسيا على استعداد للدخول في حرب عالمية اذا كانت هي السبيل لعدم خنقها بحريا وللعالم في 2008 أسوة حينما خاضت روسيا حربا ضارية بعد اعلان جورجيا ضم اقليمي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا.
الثلاثاء 4 آذار (مارس) 2014
القرم مياه دافئة وحرب ساخنة
الثلاثاء 4 آذار (مارس) 2014
par
هيثم العايدي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
48 /
2182436
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
27 من الزوار الآن
2182436 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 23