مصر واعية ومتنبهة إلى ما يحيط بها من تطورات، سواء كانت على مستوى إقليمي أو دولي، وهذا الوعي يتجاوز كما هو واضح مسألة الإدراك، إلى مرحلة بناء السياسات والتعاطي مع التطورات، وفي ذلك أولاً إيمان بالقوة الكامنة لديها وإمكاناتها الحقيقية، ووزنها السياسي والدبلوماسي .
ولعل هذا ما يمكن قراءته من خلال الكثير من التطورات على صعيد السياسة المصرية، وخروج مصر أخيراً من خانة التأثر إلى التأثير، وتوجهها إلى بناء علاقات متوازنة مع العالم بشكل عام، وقواه العظمى بشكل خاص، ويبدو تحذير وزير الخارجية نبيل فهمي من خطورة محاولات ترمي إلى زيادة وتيرة محاولات ومخططات تقسيم الدول الضعيفة في المنطقة، وتزايد ظاهرة الإرهاب، مثالاً واضحاً على حضور مصر مجدداً في الساحة السياسية الدولية والإقليمية .
الحديث المذكور يؤكد تفاعل مصر مع قضايا محيطها، ولكن هذا التفاعل يجب أن يخرج عن إطار الملاحظة والتوصيف إلى الفعل، ولعل ذلك يحتاج إلى وقت حتى تعود مصر إلى الاستقرار وتستعيد جزءاً من عافيتها، الأمر الذي ينبغي أن يتم الوصول إليه بأسرع وقت ممكن، نظراً للاستحقاقات الداهمة التي تنتظر البلاد على مختلف المستويات .
وتأكيد وزير الخارجية المصري على ضرورة إعادة هيكلة السياسة الخارجية في سياق ما سماها “مرحلة إعادة التوازن الدولي”، يشير إلى أن القاهرة تتوجه فعلياً إلى استعادة مكانها ومكانتها، لكن ذلك يحتاج بالطبع إلى تكثيف الجهود، ومواصلة العمل، والحفاظ أولاً وأخيراً على استقلالية وسيادة القرار المصري، وعدم العودة إلى نموذج العلاقات غير المتوازنة الذي كلّف مصر غالياً .
التطورات التي تمور بها المنطقة ككل، تجعل من استعادة الدور المصري شأناً بالغ الأهمية والحيوية، ذلك أن مفتعلي الحرائق يعملون على زيادة رقعة النيران، لتطال دولاً بأكملها، منذرة بمزيد من التقسيم والتفتيت ونهب الشعوب، وتحويلها إلى أقليات مقتتلة على أسس طائفية أو مذهبية أو إثنية .
في القارة الإفريقية ما يغري القوى الطامعة على الدوام، فهذه القارة المنكوبة بموجات متتالية من الاستعمار والاستعباد، لم ولن تسلم من محاولات القوى العظمى تسخيرها وتوظيفها وتحويلها إلى مجرد منجم يعود بالثروة على قوى الاستعمار الجديد، وما يعني مصر في هذه البيئة المتقلبة هو أن تحافظ على محيطها ومصالحها، وأن ترد أي تهديد قد يشكّله التدخل الخارجي، خصوصاً أن انعكاسات التدخل الخارجي في دول الجوار وفي القارة الإفريقية بشكل عام تلقي بظلالها في كثير من الأحيان على المصالح المصرية، ومن ذلك حالياً على سبيل المثال، الوضع المقلق في الجارة ليبيا، واستمرار إثيوبيا في مشروع بناء ما تسميه “سد النهضة” على نهر النيل .
الأربعاء 5 آذار (مارس) 2014
مصر والمنطقة والعالم
الأربعاء 5 آذار (مارس) 2014
par
محمد عبيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
11 /
2197618
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
19 من الزوار الآن
2197618 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 9