هكذا وبلا أخذ اعتبار لسلطة فلسطينية أو اتفاقات أو مفاوضات أو لقاءات فضائية في واشنطن، تدخل قوات الاحتلال “الإسرائيلي” مخيّم جنين وتقتل ثلاثة مقاومين بدم بارد . حمزة أبو الهيجا كان داخل منزل في المخيّم، ولم يكن في طريقه لتنفيذ عملية فدائية، ولم يتلق رصاص حقد الصهاينة في محيط معسكر لجيشهم، وإلا لقلنا إن أمراً طبيعياً حدث، وإنها معركة اختار مكانها وتوقيتها مقاوم فلسطيني . محمود هاشم أبو زينة ويزن محمد جبارين هبّا لنجدة رفيقهما الذي كان فرداً في مواجهة جيش . معركة غير متكافئة في الميدان، لكن التفوّق المعنوي فيها من ثوابت المقاوم الفلسطيني على الدوام، حيث لم يغادره اليقين بأن المقاومة هي الطريق الوحيد والأقصر لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة، ويدرك أن أمانة فلسطين منقوشة على جدران قلوب الفلسطينيين ومعلّقة في أعناقهم حتى آخر قطرة دم .
ورغم أن مشهد الاشتباك الذي تجسّدت فيه الوحدة في الميدان بين ثلاثة مقاومين من ثلاثة فصائل، ليس الأول في مسيرة النضال الفلسطيني، إلا أنها معركة جاءت بعد فترة سوداء ما زالت مستمرة يتّشح بها وجه القضية الفلسطينية بفعل الانقسام السياسي الذي يلطّخ التاريخ الفلسطيني بالخجل . هذه الوحدة الميدانية جاءت لتقول للقيادات النائمة على فراش التسليم بواقع الانقسام، والجالسة على كراسي دافئة ولو في كيانين يظنانهما “جمهوريتين عظميين”، إن الوحدة الوطنية هي ضمانة التوهج الدائم للنضال الفلسطيني وانتصاره النهائي، وليس البقاء الدائم لهذا القائد أو ذاك الحزب .
وحدة المقاومين الثلاثة تلقائياً ووجدانياً أنتجت بياناً مشتركاً لم يصدر مثيله طيلة سنوات، قال فيه مقاومو ثلاثة فصائل قياداتها إما أنها تقود الانقسام أو تفترق سياسياً منذ اتفاق “أوسلو” الميّت بلا شهادة وفاة، إن التنسيق مع الاحتلال لا يأتي إلا بالوبال على الفلسطينيين، ولا يخدم إلا العدو الغاصب المحتل القاتل المجرم، فلماذا يستمر هذا التنسيق؟
لماذا لا ترى هذه القيادات في خروج آلاف الفلسطينيين في مسيرة تشييع الشهداء استفتاء على المقاومة ورفض التنسيق الأمني ومطالبة تلقائية بوقف المفاوضات العبثية التي لم تعد تصلح إلا لغطاء يتلطى به الاحتلال في جرائمه وانتهاكاته ومواصلة مشروعه التهويدي لكامل فلسطين، وللانطلاق إلى بقية أطراف دولة “من النيل إلى الفرات” تشهد أرضها عمليات التمهيد والتعبيد والتسوية والتعمية والتجريف والتجويف لأجل هذه الدولة، ويجري كل ذلك بأيد عربية، فالفتنة معاول، ولحم العرب مجبول بدمهم خرسانة للأساسات .
حبذا لو سمعت قيادات ربيع العرب ومفتو الفتن وفضائيات الدم، صرخة الأسير جمال أبو الهيجا والد الشهيد حمزة، المحكوم بالسجن المؤبد 9 مرات وعشرين سنة، وهو يتوسّط رفاقه وإخوته في سجنه الصهيوني، مخاطباً آلاف المشيّعين عبر هاتف مهرّب “ابني وفى بوعده . . قاتل ولم يستسلم” . حبذا لو سمعوه وهو يطالب بتوزيع الحلوى في عرس الشهادة وإطلاق الزغاريد وينادي بوحدة الشعب ووحدة أمة “لا حياة لمن تنادي” .
مخيّم جنين إذاً يعيد أمجاد معاركه المجيدة ويتحدى قادة الانقسام وجيش الفتن، يتحداهم أن يستطيعوا التفريق بين دماء ثلاثة مقاومين قضوا، ونزفت في معركة واحدة مع عدو واحد .
الاثنين 24 آذار (مارس) 2014
معركة الدم الواحد
الاثنين 24 آذار (مارس) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
14 /
2194889
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
7 من الزوار الآن
2194889 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 9