الأحد 25 أيار (مايو) 2014

إنهم يتلاعبون بنا

الأحد 25 أيار (مايو) 2014 par عوني صادق

المعسكر الإمبريالي - الصهيوني بقيادته الأمريكية يتلاعب بنا وبقضايانا العربية منذ سنين، وقياداتنا ما زالت تستمرئ هذه اللعبة وتتمسك بها، بدوافع مختلفة ولأسباب شتى، ليس بينها الحرص على مصالح وحقوق الأمة، أو على مصالح الشعب الفلسطيني وقضيته . وليس أسهل من أن نتأكد من ذلك لو تتبعنا مواقف هذا المعسكر في القضية الفلسطينية، على سبيل المثال وليس الحصر .
ولو بدأنا بالحرب - الكارثة في حزيران 1967 وما تلاها ولحق بها، وتتبعنا المسار بعد وقف إطلاق النار وإحالة المسألة إلى مجلس الأمن، لرأينا أن التآمر الإمبريالي الصهيوني بدأ منذ اللحظة الأولى من مناقشات المجلس التي انتهت بالقرار ،242 الذي صاغه مندوب بريطانيا اللورد كرادون . إن قصة (أل التعريف) التي اختزلت التلاعب المتعمد، (بتفسير القرار في اللغتين العربية والإنجليزية بين “الأراضي المحتلة” و “أراض محتلة”) معروفة، إذ جاءت لتكرس الدور التآمري البريطاني الذي أعطى الصهاينة 54% من فلسطين في قرار تقسيم ،1947 ثم سهل اغتصاب ثلثي فلسطين في العام ،1948 ثم تجددت نواياه في القرار 242 في تحويل فلسطين كلها إلى “وطن قومي لليهود”، ذلك “الوطن” الذي كانت بدايته في “وعد بلفور” وقبل قرار كرادون بنصف قرن .
بعد صدور القرار 242 مباشرة وضعت “استراتيجية المفاوضات” لتطبيق القرار على ما زعم، فتعددت الجولات واستمرت حتى أوصل الفشل المتفاوضين إلى حرب أكتوبر ،1973 التي بدأت بانتصار عسكري عربي غير مسبوق، وانتهت بهزيمة سياسية غير مسبوقة أيضا، وبدأ بعدها “الضرب تحت الحزام” بالضغط على منظمة التحرير الفلسطينية للاعتراف بالكيان الصهيوني والتنازل عن ثلثي فلسطين، حتى وصلنا إلى “اتفاق أوسلو” في أيلول ،1993 ليبدأ فصل جديد من التلاعب والمفاوضات انتهى بعد عشرين عاماً بخسائر أكبر، وبتقدم ملحوظ للمشروع الصهيوني في فلسطين .
انتهى الفصل الأخير من التلاعب رسمياً ونظرياً في 29 إبريل/ نيسان الماضي، لكن اللعبة مستمرة على نفس النهج وبنفس الطريقة . فالولايات المتحدة، راعية اللعبة، “فشلت” في تنفيذ ما وعد به وزير خارجيتها لأن الحكومة “الإسرائيلية” ورئيسها رفضا كل مقترحاته، أو هكذا بدا الأمر، إن لم نقل إن ذلك كان بالتنسيق والاتفاق مع الإدارة الأمريكية ووزير الخارجية . وبدأنا نقرأ سيناريو المؤامرة على النحو التالي: يخرج وزير الخارجية جون كيري ليعلن أولاً أن الحكومة “الإسرائيلية” هي المسؤولة عن الفشل الذي انتهت إليه المفاوضات، ثم يعود ليضع المسؤولية على الطرفين فيخلي عملياً الطرف “الإسرائيلي” من المسؤولية، أو ينقل نصفها على الطرف الفلسطيني . بعد كيري، يخرج مارتن إنديك، مبعوث كيري للمفاوضات، ليعلن أن الاستيطان كان السبب في فشل المفاوضات، ثم يعود ليقسم المسؤولية بدوره بين الطرف “الإسرائيلي” والطرف الفلسطيني جرياً وراء رئيسه .
ويأتي المشهد الثاني من السيناريو . يخرج أكثر من مسؤول “إسرائيلي” ليقول إن “حل الدولتين” قد مات، ويأتي نتنياهو ليقول إنه “لا يريد دولة ثنائية القومية”، ويفسر البعض قوله بأنه يتمسك ب “حل الدولتين” . بعد ذلك، يخرج علينا الرئيس الأمريكي ليعلن أنه ما زال متمسكاً ب “عملية السلام” و “حل الدولتين”، ولتخرج بعده الناطقة باسم الخارجية لتؤكد ذلك، لكن مع توضيح أن الأمر يتوقف على الطرفين المتفاوضين . وآخر الفتاوى جاءت قبل أيام من جورج ميتشيل، أول مبعوث للرئيس أوباما، ليؤكد من جديد أن ليس هناك غير “حل الدولتين” .
المشهد الثالث من السيناريو “إسرائيلي” بامتياز . يعلن نتنياهو في بداية ولايته الثانية (2009) قبوله ل “حل الدولتين”، وفي يوليو/ تموز 2012 يقبل العودة إلى المفاوضات، ثم يبدأ بإلقاء القاذورات على الطريق مرة بالحديث عن التمسك ب “الكتل الاستيطانية الكبرى” في الضفة الغربية، ومرة بما يسمى “الترتيبات الأمنية” وضرورة السيطرة على الأغوار، وثالثة بالمطالبة باعتراف فلسطيني ب “إسرائيل دولة يهودية ووطناً قومياً لليهود” . ولم ينس الشؤون الفلسطينية الداخلية، فحيناً يقول إن محمود عباس لا يمثل كل الفلسطينيين، ولا سلطة له على قطاع غزة، وحيناً يقول إن على محمود عباس أن يختار “إما السلام مع حماس أو السلام مع إسرائيل” . وفي الأثناء لم تتوقف عمليات الاستيطان، ولا مصادرة الأرض ولا تهجير الفلسطينيين، ولا هدم بيوت الفلسطينيين . وأخيراً يعترف متحدث باسم الجيش “الإسرائيلي” بأن “مناطق التدريب” ما هي إلا طريقة لضم مزيد من المناطق الفلسطينية المأهولة إلى الكيان، وهذا يؤكد ما قاله المؤرخ “الإسرائيلي” إيلان بابيه مؤخراً من أن عمليات التطهير العرقي مستمرة منذ 1948 وحتى اليوم، ولكن بطرق ووسائل وآليات جديدة .
إن إدارة الشريط منذ 1967 (حتى لو تجاهلنا ما قبل ذلك)، تكشف لنا بسهولة أن ما يقرب من نصف قرن من التلاعب كان يتم تحت زعم أن المعسكر الإمبريالي الصهيوني بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن له من غرض أو هدف سوى تحقيق المشروع الصيهوني في فلسطين بالاستيلاء على كامل البلد، وأن كل الخطط و“مجهودات تحقيق السلام”، لم تكن أكثر من شراء الوقت للحكومات “الإسرائيلية” .
قد يقول البعض إن “موازين القوى” لم تسمح للفلسطينيين برفض هذا السيناريو، لكن الموازين ليست مبرراً لاستمرار التلاعب . وإذا كانت هذه الموازين لا تسمح بفرض الحد الأدنى من “الحل العادل”، فإنها لا تفرض منح الشرعية للغاصبين، وهذا أمر لا سبيل إليه إلا برفض “سيناريو التلاعب والتآمر” عبر المفاوضات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2182970

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2182970 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40