يستطيع مَن يريد أن يصدّق أن يصدّق، ويستطيع من لا يريد التصديق ألا يُصدّق، لكن الحقيقة الواضحة اليوم، وجوهرها أن الضفة تدخل مرحلة جديدة من مواجهتها مع الاحتلال، تشبه المرحلة التي عرفتها غزة وعرفها جنوب لبنان، عندما بدأ الاحتلال يفكر بالانسحاب، مع فارق أنه لا يملك خيار الانسحاب من الضفة، لكنه يدرك أن نظريات ايتمار بن غفير عن ميليشيا تحسم بدلاً من الجيش صارت نكتة سخيفة، وأن نظريات بتسلئيل سموتريتش عن زرع مئات المستوطنات في الضفة الغربية صارت موضع تندر المستوطنين المذعورين
أطلق الاحتلال على عمليته اسم “البيت والحديقة”. ما يُفهم من هذه التسمية للعملية، أنّ دولة الكيان هي البيت، وأنّ الضفّة الغربية حديقة هذا الكيان، أي هي بحسب التسمية جزء من الامتداد الطبيعي للبيت، وداخلة في حيّز البيت، بيد أنّ تسميتها بالحديقة له دلالات أخرى إضافية، مفادها كلّها أنّ هذه المساحة، كأيّ حديقة، ليست تابعة فحسب، وإنما وفوق ذلك ينبغي أن تكون مريحة، وفرصة متاحة باستمرار للتمدّد
أنهى “الجيش” الإسرائيلي عمليته العسكرية الواسعة في مخيم جنين، التي أطلق عليها بعض قادته عملية “المنزل والحديقة”، والتي جنّد لها أكثر من ألف جندي من ألوية النخبة، في مقدمتهم لواء “الكوماندوز” الأكثر نخبوية، وقدم سلاح الجو الإسرائيلي غطاء جوياً لقوات النخبة البرية في هذه العملية التي لم تصل مساحة عملياتها العسكرية إلى نصف كيلومتر مربع.
إن الدرك المتدني، الذي تصل إليه الإتهامات أو التصرفات بين المرشحين، تجعل من الصعب التصديق بأن دولة كهذه تعد الدولة العظمى، التي حكمت العالم لثلاثة عقود شكلت فيها القطب الأوحد. ومن المضحك المبكي أن الأميركيين يطالبون بلادنا بمحاربة الفساد والمفسدين ورؤساءهم تحكم والمحاكم تظللهم، حقيقة: باب النجار مخلع.
بكلّ لهجات أهل المقاومة، تُدعى جنين بعاصمة الشهداء، وبمدينة القتال، وبالاسم الحركيّ لفلسطين. بكلّ لهجات أهل العسكر، تدعى ميدان الاشتباك الذي لا ينتهي إلّا بنصر أو استشهاد. بكلّ لهجات أهل الحبّ، جِنين لفظة تصوّر شكل الروح وهي تقاتل.