دأبت «إسرائيل» خلال سنين احتلالها للأراضي الفلسطينية، على أن تتخذ العدوان منهجاً لها سواء أكان ذلك تحت ذريعة أم لا؛ حيث استغلت تنفيذ الفلسطينيين لعملية إطلاق نار ضد المستوطنين، الذين يعيثون فساداً في رام الله، لتحشد مئات الجنود؛ لاقتحام المدينة والتنكيل بها، والسماح للمستوطنين بالتسلل إليها، ووضع شعارات تدعو لاغتيال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فضلاً عن اقتحام جنود الحرب للمؤسسات «السيادية» كوكالة «وفا» الرسمية، ووصول الدبابات إلى وسط رام الله، واقترابها من منزل عباس والمقاطعة، وهذه تعد رسالة واضحة المعالم، بأن الفلسطينيين لا يملكون أية خصوصية، وأن حلم الدولة سيضيع تحت ظلال الحراب، وأن الاحتلال الشامل للضفة سيكون الحاسم في حال نجحت فلسطين بالتقدم على أي صعيد دبلوماسي أو ميداني.
ومع هذا الاستهتار «الإسرائيلي»، فإن السلطة الفلسطينية تجد نفسها في موقف محرج أمام شعبها، في ظل تبنيها شعار الاستقرار والتنمية، والهدوء؛ إذ إنها صوّرت الواقع بأنه تحت سيطرتها، وأنها تملك الأمر من مبتداه إلى منتهاه، وأن الفلسطينيين يعيشون في ظلها في أمن وأمان، بينما وخلال ساعات، تم تحطيم هذه التصورات؛ حيث تعمق إدراك الفلسطينيين أن الجميع تحت طائلة الاحتلال، ولا يملك أحد حريته في أي شبر من أرض فلسطين؛ بل إن اليد العليا هي لحكومة نتنياهو المتطرفة.
ومع حصار رام الله، هل تدرك القيادة الفلسطينية أن وجودها مرتهن بقرار من «الكنيست» أو «الكيبينت»؟ وأن الحل السياسي كنهج وحيد لا طائل منه؛ لأنه لا يقوى على صد مستوطن عن تهديد رمز فلسطيني، أو أي قيادي في هذا الشعب. ورغم تبني السلطة ورئيسها لخيارات سلمية في المواجهة، إلا أنهم لم يسلموا من التهديدات بالقتل، ومن لا يستطيع حماية نفسه، بالتأكيد فإنه لن يستطيع حماية شعبه.
لذا فمن الأجدر بالسلطة ككيان قائم داخل الأرض المحتلة أن تتصالح مع ذاتها، وتعترف بعدم قدرتها على التحرك سوى بالمساحة، التي يتيحها لها الاحتلال فقط، وأنها أسيرة كباقي الشعب، ومن العبث التغني بأي إنجاز كان، طالما أنها لا تستطيع حماية منزل الرئيس! ومن المهم إدراك الدرس، بأن تسعى السلطة للبحث عن نقاط وأوراق قوة؛ تستطيع من خلالها الضغط على الاحتلال، وإجباره على التعامل مع الفلسطينيين بشيء من الندية، وفي حال عجزها عن ذلك؛ فالأولى لها وللشعب أن تحل نفسها، وأن تحمل «إسرائيل» مسؤولية احتلالها.
نتنياهو يحاول توجيه رسالة للسلطة، مضمونها باختصار، هو أن كل شبر تنطلقون منه لإدانة الاحتلال، نستطيع السيطرة عليه في دقائق؛ لذا فالأجدر في هذه المرحلة إرباك «إسرائيل»، وإطلاق يد الشعب الفلسطيني لقول كلمته، والعمل على التصدي للاحتلال، وإطلاق حراك صارم، تدفع من خلاله حكومة اليمين المتطرفة الثمن.
فلسطين تحت احتلال شامل، وأي محاولة لإظهار أن هناك بعض السيادة، هي ضرب من الخيال، وخداع لا طائل منه، فالاغتيالات الميدانية تجري في الضفة على قدم وساق، والتعدي وصل إلى قلب مناطق السلطة الفلسطينية، فهل تنتهج القيادة نهجاً ينقذ فلسطين والفلسطينيين؟
الجمعة 14 كانون الأول (ديسمبر) 2018
لا سيادة تحت الاحتلال
الجمعة 14 كانون الأول (ديسمبر) 2018
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
150 /
2189825
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين علي قباجة ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
15 من الزوار الآن
2189825 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 15