لم تتوقف العنصرية «الإسرائيلية» عند الفلسطينيين والعرب وحدهم، حيث إنها عبرت القارات، وطالت شعوباً ودولاً، ولا يهدأ الاحتلال عن إذكاء أحداث حصلت في الماضي، وطويت صفحتها منذ زمن، فقد دأب على لي ذراع التاريخ، لتحقيق مصالحه أو لادعاء مظلوميته أمام العالم. فقد زعم سابقاً وما زال أن فلسطين هي أرض الأجداد والآباء منذ آلاف السنين، وأنها ملك اليهود وحدهم، وأنهم عادوا إليها بناء على نبوءات توراتية مزعومة، وتحت هذا الادعاء شُرد أصحاب الأرض واحتلت أملاكهم.
لم تتوقف «إسرائيل» هنا إذ إنها ما زالت تواصل ابتزاز ألمانيا، التي ارتكبت في عهد هتلر مجازر ومحارق سميت «الهولوكوست»، وسارت على نفس النهج مع بولندا، ومؤخراً تأججت نار الخلافات بينهما، بعد تهجم نتنياهو ومسؤولين «إسرائيليين» على وارسو، واتهامها بأنها شاركت في المحرقة.
«الهولوكوست» شيء مضى منذ عقود، والشعوب طوت حقبته، وعادت العلاقات بين اليهود والدول الأوروبية إلى أحسن حالاتها، ولكن «إسرائيل» غير معنية بفتح صفحات جديدة، حيث إنها تعتاش على «المسكنة»، والادعاء بأنها لاقت ظلماً تاريخياً، لتحقيق مكاسب سياسية ومادية وعسكرية من وراء ذلك، كما أن العنصرية لديها متفشية، ولهذا فقد علت نبرة الأحقاد لديها، وهو الأمر الذي دفع نتنياهو إلى مهاجمة بولندا، ووصفها بأنها كانت متواطئة خلال المحرقة، وذلك في تصريح على هامش قمة وارسو، ثم ومع تفاقم حدة الخلاقات ومطالبة بولندا «تل أبيب» بالاعتذار، وإلغائها قمة كانت مقررة في القدس، صرح مسؤول احتلالي بأن: «البولنديون رضعوا معاداة السامية مع حليب أمهاتهم. لن يملي أحد علينا كيفية التعبير عن موقفنا أو كيفية احترام الموتى»، وبهذا فإن الأزمة الدبلوماسية تفاقمت، وهددت بولندا بإجراءات قد تمس عمق العلاقات، ووصفت «إسرائيل» بأنها «دولة عنصرية».
هذا الخلاف مهم في جوهرة، فهو يخدم بطبيعة الحال القضية الفلسطينية، كما أن وصف بولندا للاحتلال بالعنصرية، يعزز موقف الفلسطينيين دولياً، الذين لطالما نادوا بأن «إسرائيل» دولة «إبرتهايد» بكل مكوناتها، وإقصائية لأبعد الحدود، ولا تعرف الهدوء أو الالتزام في سياساتها الخارجية، كما لا تعير لها أي اهتمام، فهي سرعان ما تتخلى عن حلفائها، وأيضاً تنقض العهود والمواثيق الموقعة. فالاحتلال تنكر للعلاقات الاستراتيجية التي تجمعه مع وارسو، ليخرج بتصريحات استفزازية تعكر الصفو، وتؤجج الخلافات، في حين إنها نقضت العهود مع الفلسطينيين، ولم تحترم الاتفاقات الموقعة، أما قرارات الأمم المتحدة فإنها تضرب بها عرض الحائط، ولا تنظر إليها، وترى نفسها أنها فوق القانون.
الصلف «الإسرائيلي» بلغ أوجه، خاصة مع الدعم الأمريكي اللامحدود، فالاحتلال يحتمي بمظلة البيت الأبيض، ويمارس سطوته بكل تبجح، لأنه يدرك أنه لا يحاسب على أفعاله، ولذا فإن ذلك يستدعي من الشعوب والدول الحرة نبذ «إسرائيل»، وتفعيل المقاطعة لها بشتى المجالات، أما الدول التي تتحالف معها، فينبغي أن تدرك أن علاقاتها مع حكومات الاحتلال هشة، لأن الأخير غير مؤتمن في سياساته، ويمارس التنمر الدبلوماسي على من لا يوافقه، تحت حجج «معادة السامية». هذا المصطلح الذي يشبه حصان طروادة، تمتطيه «إسرائيل» لتخترق من خلاله الدول لمعاقبتها.
الجمعة 22 شباط (فبراير) 2019
عنصرية عابرة للقارات
الجمعة 22 شباط (فبراير) 2019
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
85 /
2191859
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين علي قباجة ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
16 من الزوار الآن
2191859 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 10