يخوض العرب معاركهم في المشرق والمغرب ضد عدو واحد لكنهم ليسوا جميعا في مقاومتهم وتصديهم فكل منهم يخوض معركته وحيدا بل يغريه العدو أحيانا بجاره العربي فيوقع به خسائر لم يكن للعدو الرئيسي إحداثها.
فلقد خاض العراق معركته وحيدا ضد الغزو الأمريكي واللصوص من العملاء الذين تحكموا في مقاليد الأمر تحت رعاية أمريكية.. وخاض لبنان معركته وحيدا ضد العصابات الصهيونية مدعومة بالقوة الأمريكية ومن خلال نفوذ السفارات الغربية المتحكمة في الشأن اللبناني.
وخاض السودان معركته وحيدا ضد أجهزة الموساد والمخابرات الأمريكية والفرنسية التي توحدث خلف الانفصاليين الذين تمكنوا من تقسيم السودان الذي وجد نفسه وحيدا أمام قصف الأمريكان والصهاينة. وخاض اليمن معركته وحيدا ضد المخطط الأمريكي وأدواته الذي يقصد تفتيته وتحطيم الدولة المركزية ليصبح في مهب الرياح ويفقد دوره الإقليمي.
وخاض الشعب الفلسطيني معركته وحيدا أمام عدو مدجج بالسلاح والجريمة وبإرادة الإدارة الأمريكية والإدارات الغربية العدوانية لينتزعوه من بلده ويشردوه في أصقاع الأرض بعد أن يجعلوا حياته على أرضه جحيما..
وهكذا نواصل حديثنا عن العرب والمسلمين الذين وقعوا في مكيدة التقسيم السياسي والمادي.. ولم تكن من نتيجة لهذه المعارك سوى الخسارة لكل قطر من أقطارنا العربية والاسلامية، حيث سقط القطر وراء سقوط الآخر في لعبة تشبه الدومينو.. ووفي المحصلة كانت الخسارة للأمة بأسرها..لأمنها ومستقبلها ومشروعها الحضاري.
لقد تجاوزنا هذه المرحلة إلى مستوى آخر، حيث انخرطت الدول العربية لأول مرة في بعد الثورة العربية الكبرى في جيوش استعمارية بحجة أن هناك خطر مشترك.. وهذا أمر سيكون له ما بعده على صعيد سيادة الدول واستقرارها كما أنه اخلال جوهري بميثاق الدفاع المشترك العربي..
لقد قالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم إن هذا التحالف الدولي لا يتعدى كونه حركة استعراضية في محاولة من دولة لتحسين تاريخها المعروف بدعم الإرهاب.
وفيما قال تحالف للولايات المتحدة ودول عربية “إن الدول المشاركة وافقت على الانضمام لحملة عسكرية منسقة ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد الذي سيطر على أجزاء من العراق وسورية وأعلن قيام خلافة عبر حدود الدولتين”. إلا أن مصدر مصرية نفت أن تكون مصر وافقت عل المشاركة في التحالف.. في حين نقلت الأخبار عن استعداد سوري بالمشاركة في الحملة.
وبعد يوم من المحادثات في السعودية، قالت الولايات المتحدة ومصر والعراق والأردن ولبنان ودول مجلس التعاون الخليجي الست إن “الدول المشاركة وافقت أيضاً على وقف تدفق الأموال والمقاتلين على الدولة الإسلامية وستساعد في إعادة بناء المجتمعات التي روعها التنظيم بأعماله الوحشية”.
وجاء الاتفاق بعد محادثات بين وزراء عرب ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مدينة جدة السعودية.
وقال بيان صدر عن المحادثات إن الوزراء ناقشوا استراتيجية تدمير “الدولة الإسلامية”، “أينما كان في كل من العراق وسوريا”.
ومن جهة أخرى قالت الخارجية الروسية إن مثل هذا الفعل العسكري من دون دعم الأمم المتحدة، سيعد “فعلا عدوانيا” و“انتهاكا جسيما” للقانون الدولي.
إنها صيغة جديدة في احتواء المنطقة ضمن الجيوش الأمريكية لأغراض أمريكية بعد أن تكون أمريكا قد صنعت مشكلة تستدهي قدومها.. إنها الدوامة والمقتلة الكبرى.. تولانا الله برحمته.