في جردة سريعة ومسؤولة مع نهاية العام 2020، وبالنسبة لمدينة القدس، يمكن القول بأنها تعيش هذه الأيام أوضاعًا عصيبة واستثنائية، مع تواصل واستمرار عمليات التهويد حتى داخل أحيائها العربية القديمة، دون أن ترف جفن عين الاحتلال الإسرائيلي، الذي يضع أمامه الآن إنهاء الوضع العربي وتحويله إلى أقلية في بحر الوجود اليهودي، خصوصا من مجموعات اليهود المتدينين، الذين يعلنون ليل نهار، أن “مدينة القدس عاصمتهم الأبدية”.
لقد كانت مدينة القدس، وما زالت، ضحية كبرى من ضحايا النكبة، حيث ما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسلط عليها سيف التهويد والاستيطان لمحو الوجود العربي بداخلها، وتحويلها لمدينة يهودية صافية على المديات البعيدة دون مواطنيها الأصليين من العرب الفلسطينيين أصحاب البلاد. ففي العام 2019 قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم وتدمير 678 مبنى في الضفة الغربية، منها حوالي 40% في محافظة القدس بواقع 268 عملية هدم، وتوزعت المباني المهدومة بواقع 251 مبنى سكنيا و427 منشأة، كما أصدر الاحتلال “الاسرائيلي” خلال العام 2019 أوامر بوقف البناء والهدم والترميم لنحو 556 مبنى في الضفة الغربية والقدس.
وحسب مؤسسة المقدسي، ومركز عبد الله الحوراني للأبحاث والدراسات في قطاع غزة، فمنذ العام 2000 وحتى 2019 تم هدم نحو 2,130 مبنى في القدس الشرقية (ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمته دولة الاحتلال الإسرائيلي عنوة بُعيد احتلالها الكامل للضفة الغربية في عام 1967). ولا ننسى ما تم هدمه بعد ذلك عام 2020، في حي (وادي الجوز)، وحي (صور باهر) في حدود مدينة القدس. وحي (وادي الحمّص) الواقع تحت يد الاستهداف “الإسرائيلي” التهويدي الاستيطاني، ففي عام 2015 بدأ جيش الاحتلال بسياسته المعهودة لضم الحي، وسلم أصحاب ثلاث بنايات أوامر بالهدم، ثم امتدت أوامر الهدم لتشمل 12 بناية أخرى، وهكذا أصبحت عشرات الشقق السكنية تحت خطر الهدم منذ العام 2015.
وتُقدّر منظمة مراقبة حقوق الإنسان، ووفق مُعطيات مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني في رام الله، في تقرير شامل نشره في الذكرى الــ72 للنكبة، أن هناك نحو تسعين ألف فلسطيني في القدس الشرقية يعيشون حاليًّا في مبانٍ مُهددة بالهدم. فسياسات الإسكان “الإسرائيلية” في القدس الشرقية تميّز بشكل عنصري ضد الفلسطينيين، بحيث لم تخصص للمنشآت الفلسطينية سوى 12% فقط، بالمقابل خصصت 35% من أراضي القدس الشرقية لبناء المستعمرات اليهودية الصهيونية، وحتى في هذه المنطقة الصغيرة، لا يمكن للفلسطينيين تحمل كلفة إتمام عملية استصدار تصاريح البناء، وهي عملية معقدة وباهظة التكلفة.
وتُشير بيانات التقرير السنوي لهيئة مقاومة الجدار إلى أن مجموع ما تم صرفه على الأنشطة الاستعمارية التهويدية في القدس ومحيطها، في الفترة الممتدة بين الأعوام 2011-2016 بلغ رقمًا قياسيًّا، فيما تُشير بيانات منظمة السلام الآن “الإسرائيلية” فيما يخص إقامة البؤر الاستعمارية كان أقل بقليل، إلى أن هذه الظاهرة بدأت بشكل رئيسي في عهد نتنياهو كرئيس للوزراء في عام 1996، وتوقفت في عام 2005، ويلاحظ أنه في عام 2012 عاودت حكومة نتنياهو مرة أخرى إلى إنشاء بؤر استعمارية، بحيث إنه من بين 134 موقعًا تم إنشاؤها: تم إخلاء موقعين استعماريين (ميجرون وأمونا)، وتمت المصادقة على 29 موقعًا استعماريًّا (ثلاثة كمستعمرات مستقلة و26 كـ”أحياء” لمستعمرات قائمة)، وما لا يقل عن 35 موقعًا في طور التصديق.
وبالنتيجة، وفي ظل الأوضاع الاستثنائية العربية، وحتى في مسار الأحداث السياسية الداخلية “الإسرائيلية” وصراع الأحزاب والكتل السياسية، ومع تحديد موعد انتخابات تشريعية للمرة الرابعة للكنيست، فإن مدينة القدس ومحيطها تقع في دائرة الاستهداف الأولى لعمليات تهويد الأرض واقتلاع الوجود العربي الفلسطيني الإسلامي والمسيحي. لكن ومع كل هذا، فالوجود العربي ما زال متجذرًا على أرض المدينة، وصامدًا صمود أهلها عبر سنوات الصراع الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي، لكنه بحاجة للدعم العربي والإسلامي على كل مستوياته، وذلك في سياق معركة الصمود الفلسطيني. الدعم المالي المباشر لعموم المؤسسات الفلسطينية المقدسية التي تعاني حصار وضغوط الاحتلال الإسرائيلي. والدعم المادي المتعدد الأشكال والممكن لعموم الأهالي والمواطنين الذين يعيشون الضائقة الاقتصادية الكبرى في ظل وجود وانتشار جائحة (كوفيد 19).
الأحد 3 كانون الثاني (يناير) 2021
القدس واستمرار هجوم التهويد
الأحد 3 كانون الثاني (يناير) 2021
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
64 /
2190932
ar أقسام منوعات الكلمة الحرة كتّاب إلى الموقف علي بدوان ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
4 من الزوار الآن
2190932 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 4