كنت مقتنعاً بوجود مؤامرة لاغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، منذ أن زرت العاصمة الفرنسية في مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2004، للاطمئنان عليه بعد أن نقل إلى مستشفى ميرسي العسكري لمعالجته أثر تدهور مفاجئ في صحته بعد حصار واجهه في مبنى المقاطعة في رام الله لأكثر من عامين وتسعة أشهر.
كان ضرورياً لأهل النظام العربي أن يشوّهوا مبدأ المقاومة وأن يحقّروا أبطالها، ولو أدى الأمر إلى إشاعة مناخ الفتنة الطائفية والمذهبية، أو استدرج الاتهام لمنظميها بأنهم يخدمون العدو «الإسرائيلي» ومشاريع الهيمنة الأميركية، بداية وانتهاءً. ولقد شاركت الإدارة الأميركية بضراوة في هذه الحملة، فطاردت كل من تشتبه بأنهم قد يوالون المقاومة، ووجهت الاتهامات بتبييض العملة والاتجار بالمخدرات، ثم جاء الاتهام بأنهم «عصابات» ينظمون محاولات اغتيال لمسؤولين «إسرائيليين» في تايلاند وفي أميركا اللاتينية
في المشهد الفلسطيني الماثل اليوم في الضفة الغربية نتابع عملياً حروباً «إسرائيلية» مفتوحة ضد الإنسان والحجر والشجر. ولعل الحرب الاحتلالية ضد شجرة الزيتون الفلسطينية هي الأشد ضراوة هذه الأيام، كونها رمزاً للأرض والشعب والذاكرة والتاريخ والاقتصاد والصمود...!
في سابقة خطرة، قرر وزير التعليم الصهيوني غدعون ساعر في 25 مايو/أيار الماضي، تدريس أيديولوجية الإرهابيين الصهيونيين رئيسي الحكومتين الأسبقين في «إسرائيل»: ديفيد بن غوريون ومناحيم بيغن للطلاب، بمن في ذلك الطلبة العرب في المدارس العربية، تحت عنوان «تعاليم وميراث» زعيمين «إسرائيليين»، وإدراج خطة التعليم في البرنامج التعليمي السنوي للعام 2013.
إذا كانَ للتّاريخ حقّاً وَجْهان، فإن لِـ «سايْكس» و«بيكو» أحْفادهما كما أنّ للعرب الذين عاصروهما واكْتَوَوْا بنار خرائطهما أحْفادهم أيضاً، لهذا يستمر التاريخ في جَدَليّته ما دام لكل سجّان سجين. في تلك الاتفاقية الكولونيالية رُسِمَت تضاريس العرب السياسية باستراتيجية حاذِقة في استثمار فُرْقَتهم، وهي الاستراتيجية التي اخْتُزِلت بكلمتين فقط هما: فرقْ تُسدْ.