تخيل نفسك وأنت تقرأ هذه السطور وإذا بجنود مدججين بالسلاح يقتحمون منزلك ويقذفون بك في العراء، وعندما تكلمت منددا بفعلتهم غرموك آلاف الدراهم، وكي يضاعفوا تعذيبك جعلوك تشاهد بأم عينك كيف يعيثون فساداً في دارك، التي كانت حتى البارحة ملكاً لك وأصبح محرماً عليك الاقتراب منها.
هذه البوادر والمؤشرات تعاود الظهور كلما وصل فيها الوضع داخل فلسطين المحتلة الى استحكام أزمة كبرى تبدو معها كل المخارج الحقيقية والكاذبة مستحيلة الى درجة تستدعي انفجار انتفاضة شعبية عميقة وعارمة ومتصلة، أي على صورة تستعيد الانتفاضة الأولى المجيدة، لكن مع تطوير أساليبها بالدرجة التي ازداد فيها نضج نضال شعب فلسطين في مواجهة احتلال غاشم وسلطة عاجزة.
كان ذلك في التاسع من تموز 2004، ثماني سنوات الآن على قرار لاهاي بشأن الجدار الصهيوني في الضفة الغربية، والاحتلال يقرر قبل أيام استئناف البناء على قدم وساق بعد أن أوقفه لسنوات، وهذه فرصة ذهبية للفلسطينيين والعرب ان يفعّلوا قرار المحكمة الدولية الداعي إلى وقف بناء الجدار وتعويض الفلسطينيين المتضررين منه، والأهم جوهر القرار الذي يعتبر الضفة والقدس أراضي محتلة وعلى «إسرائيل» الرحيل...!
بداية فإن غالبية ساحقة من الشعب الفلسطيني، تعرف بداهة أن الزعيم الفلسطيني قضى اغتيالاً. وأن مؤامرة كبرى حكيت حول الرجل الذي مثل صعود الوطنية الكفاحية للشعب الفلسطيني منذ أواسط الستينات، ورفض حتى اللحظة الأخيرة من حياته التنازل عما اعتبره دوماً حقوقاً أساسية للشعب الفلسطيني. وتعرف غالبية الفلسطينيين أيضاً، بمن فيهم أولئك الذين انتقدوه بشدة، بسبب توقيعه اتفاق أوسلو، أن التخطيط للتخلص من الرجل بدأ في العام ألفين
أصاب التحقيق الاستقصائي الذي أعدته وبثته قناة «الجزيرة» - حول ظروف وملابسات اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات - قيادة السلطة الفلسطينية بالحرج الشديد؛ فقد دلل التحقيق بشكل لا يقبل التأويل على أن لجنة التحقيق التي شكلتها قيادة السلطة بعيد وفاة عرفات، لم تكن جادة في الوصول إلى الحقيقة، مما دفع قادة السلطة إلى الإعلان أنهم بصدد التعاون مع الطواقم العلمية التي شاركت في تحقيق «الجزيرة»