يواصل الأسرى في سجون الاحتلال إضرابهم عن الطعام لليوم الـ27 على التوالي وسط أنباء عن موافقة السلطات «الإسرائيلية» على اقتراح مصري ينهي الإضراب. يأتي ذلك في ظل تدهور صحة الأسيرين بلال ذياب وثائر حلاحلة المستمرين في معركة «الأمعاء الخاوية» منذ 76 يوماً احتجاجاً على اعتقالهما الإداري.
فيما يتجاوز إضراب الأسرى حدود القدرة البشرية الاعتيادية في ظروف غير الأسر وغير هذه النسخة الأردأ بين الاحتلالات التي عرفها تاريخ البشر، مرّت قبل أسبوعين ذكرى استشهاد الأسير الفلسطيني الأسطوري إبراهيم الراعي، (أبو المنتصر)، كما يسميه رفاقه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. في الحادي عشر من إبريل/ نيسان عام 1988 تسلل الخبر المفجع من زنازين الاحتلال، ولم تكد تمضي خمسة أيام على تمدد ظلال الحزن في أرجاء الوطن الفلسطيني وشتاته
قضية الأسرى الفلسطينيين ليست مسألة حقوق داخل المعتقلات وتحسين ظروف الاعتقال ولا ينبغي التعامل معها على هذا الأساس، إذ أنها بالأساس قضية انتهاك صارخة لحقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية، واعتداء إجرامي على شعب يرزح تحت نير الاحتلال منذ أكثر من أربعة عقود وأكثر من ستة عقود على طرده وتهجيره من دياره وأرضه التاريخية.
إذا كان «وعد بلفور» قد منح الوطن العربي الفلسطيني للدولة الصهيونية وأنتج النكبة والتهجير والتضحيات والمعاناة الفلسطينية المفتوحة منذ ذلك الوقت، فإن الإجماع السياسي «الإسرائيلي» اليوم ونحن في فضاءات الذكرى الرابعة والستين للنكبة واغتصاب فلسطين، على ضرورة «إجبار الفلسطينيين والعرب على الاعتراف بـ «إسرائيل» دولة يهودية نقية»، إنما يراد من ورائه استكمال «وعد بلفور» واستكمال تهويد فلسطين وشطب القضية الفلسطينية بكافة عناوينها وحقوقها التاريخية والحضارية والتراثية لصالح تلك الرواية الصهيونية المستندة إلى الأساطير المزيفة
كانت بمثابة المفاجأة لبعض المتابعين العرب، لكنها فحسب، كانت مفاجأة لأولئك الغارقين في تفاصيل المماحكات البينية لدى قوى المستوى السياسي «الإسرائيلي» بخارطته الخادعة أو ذات السيولة الدائمة والاصطفافات سريعة التبدل، وبالأخص منهم أولئك الذين يتأثرون عادةً بما يرد على ألسنة المحللين «الإسرائيليين»، الذين يمعنون في ملاحقة تلك المماحكات ويتابعونها كشأنٍ داخليٍ هي من سمات الحياة السياسية في الكيان وتعد بعضاً من ملمحها، ولكونها بالأساس تمثل حقلاً خصباً لتحليلاتهم المنحازة لهذا الطرف أو ذاك