عزيزي اللاجئ الفلسطينيّ، في كل مكانٍ على وجه هذه البسيطة، تحيّة العودة والوطن. أكتب لك هذه الرسالة في اليوم الذي تحتفل فيه دولة الاحتلال بإنشائها، وهي التي أقيمت على أنقاض شعبنا العربيّ الفلسطينيّ، وأسمح لنفسي بأنْ أخصّ بالذكر عزت شحرور، ابن بلدي ترشيحا، التي كنّا نُسميها ولا نزال، عروس الجليل. أنت يا عزت لاجئ في الصين، خرجت إلى النور في مخيم النيرب للاجئين في سوريا، بدون جواز سفر، وأنا لاجئ مع وقف التنفيذ في موطني، فلسطين. قبل عدّة أيام مررت بجانب بيت عائلتك في ترشيحا، كما وصفته لي: لا بيت، لا مفاتيح، لا تراب، لا حجارة ولا من يحزنون.
تأملوا ـ فقط ـ خط سير معركة الأمعاء الخاوية، وما فعله إضراب عشرات الأسرى الفلسطينيين عن الطعام، وصحوة الروح الفلسطينية التي أحدثها الإضراب، وتكون حركة شعبية واسعة بإلهام إضراب الأسرى، بدا فيها القلب الفلسطيني نابضاً موحداً في الضفة وغزة وعرب 1948 من وراء الجدار العازل، بينما بدت «إسرائيل» في حال الانكشاف والهلع، وليس بيدها غير تفريق الأسرى، ومحاولة إطفاء النار التي أشعلها قرار الإضراب، وبإجراءات تزيد النار اشتعالاً، فقد بدت حركة نصرة الأسرى كأنها توحد الفلسطينيين على صوت واحد، وتكتسح حواجز الانقسام السياسي بين سلطة عبّاس وحركة «حماس».
اليوم يَستمع أصحاب القرار في «تل أبيب»، والجمهور «الإسرائيلي» عموماً لخطابات السيد حسن نصر الله. هذا الرجل قادرٌ على تنفيذ ما يعد به؛ إنّه العربي الوحيد الذي تُصغي إليه «إسرائيل». اهتمامنا بالاستماع إلى طرفٍ ما يتزايد مع تزايد قدرته على تهديد وجودنا الفيزيائي. مع تغيُّر علاقات القوة، فإنّ قناة الاستماع باتت مفتوحة بعكس العقود الماضية، حين كان «الإسرائيلي» غير مستعدّ لإضاعة الوقت في الاستماع لعربي.
الحقيقة التي تحظى اليوم بشبه إجماع فلسطيني وعربي وأممي واسع هي «ان «إسرائيل» باتت على حقيقتها بلا قناع»، أي أن «وجه الرباعي نتنياهو - باراك - موفاز - ليبرمان، هو الوجه الحقيقي لـ «إسرائيل»»، وهو «الوجه العنصري التطهيري الإرهابي الابادي»، وما يعزز حقيقة هذا الوجه «الإسرائيلي» هو شبه الإجماع «الإسرائيلي» حول ضرورة «الاعتراف الفلسطيني -العربي بـ «إسرائيل» كدولة يهودية»، فلا تسوية ولا دولة بدون مثل هذا الاعتراف الذي كانت أطلقته تسيبي ليفني بمنتهى الوضوح، ولحقها بعد ذلك اولمرت، ثم باراك، والآن يأتي نتنياهو وليبرمان....!
إنّ ما يثير الاستهجان في اتجاه معظم التحليلات العربية، وتحديداً الفلسطينية التي تطرّقت لتداعيات انضمام حزب «كاديما» بزعامة شاؤول موفاز لحكومة نتنياهو، إجماعها على أنّ هذه الخطوة جاءت للتمهيد لتوجيه ضربة عسكرية لقطاع غزة، أو أنّها ستعزز فرص توجيه مثل هذه الضربة. ومن المفارقة أنّ جميع الأوساط الرسمية والفصائلية في الساحة الفلسطينية تبنّت هذا التحليل، وراحت تثير الفزع في أوساط الجمهور الفلسطيني من خلال التشديد على أنّ الحكومة «الإسرائيلية» الجديدة ستكون حكومة حرب على قطاع غزة.